الاثنين، 3 سبتمبر 2012

شخصية اليوم محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني

كنيته و مولده و نشأته :
أبو عبد الله، محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني ، والمغيلي : بفتح الميم نسبة إلى مغيلة قبيلة من البربر استوطنت تلمسان ووهران و المغرب الأقصى، وهي فرع من قبيلة صنهاجة كبرى شعوب الأفارقة البيض (انظر وصف إفريقيا 1/36،38)] ولد في مدينة تلمسان سنة 790 هـ / 1425 م ، من عائلة راقية النسب ، ومشهورة بالعلم و الدين والشجاعة في الحروب وهو يعتبر العالم رقم عشرين في سلالة المغيليين التي تبتدئ بإلياس المغيلي [ وهو ذلك العالم البربري الذي اعتنق الإسلام ، وحمل لواء الجهاد فكان له شرف المشاركة مع طارق بن زياد في فتح الأندلس ]، والده عبد الكريم اشتهر بالعلم والصلاح ، كما أن أمه اشتهرت بأنها سيدة فاضلة تحب الفقراء والمساكين وتنفق عليهم بسخاء، وقد قام هذان الوالدان بتربيته وتنشئته تنشئة حسنة .
طلبه العلم و شيوخه:
حفظ القرآن الكريم على يد والده والذي علمه أيضا مبادئ العربية من نحو وصرف و بيان. كما قرأ عليه أيضا موطأ الإمام مالك وكتاب ابن الحاجب الأصلي ، انتقل بعدها ليدرس عند الإمام الفقيه محمد بن أحمد بن عيسى المغيلي الشهير بالجلاب التلمساني ( ت سنة 875 هـ )، والذي أخذ عنه بعض التفسير والقراءات ، ولقنه الفقه المالكي ، فقد ذكر المغيلي انه ختم عليه المدونة مرتين ، ومختصر خليل والفرائض من مختصر ابن الحاجب ، والرسالة. كما تلقى العلم عن علماء وشيوخ تلمسان منهم : - عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي بن يحيى الحسني أبو يحيى التلمساني ( 826 وقيل 825 هـ ) ، عالم بالتفسير حافظ محدث من أكابر فقهاء المالكية ، قال عنه أحمد بابا في [ نيل الابتهاج ص 171] : " بلغ الغاية في العلم والنهاية في المعارف الإلهية وارتقى مراقي الزلفى ورسخ قدمه في العلم وناهيك بكلامه في أول سورة الفتح ولما وقف عليه أخوه عبد الله كتب عليه : وقفت على ما أولتموه وفهمت ما أردتموه فألفيته مبنيا على قواعد التحقيق والإيقان ، مؤديا صحيح المعنى بوجه الإبداع والإتقان بعد مطالعة كلام المفسرين ومراجعة الأفاضل المتأخرين".
- محمد بن إبراهيم [ بن يحي حسب الونشريسي في المعيار ] بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن الإمام أبو الفضل التلمساني ( ت 845 هـ ) " عالم بالتفسير والفقه مشارك في علوم الأدب والطب والتصوف من أهل تلمسان، قال عنه السخاوي في ( الضوء اللامع 10/740) : " ارتحل في سنة عشر وثمانمائة فأقام بتونس شهرين ثم قدم القاهرة فحج منها وعاد إليها ثم سافر إلى الشام فزار القدس وتزاحم عليه الناس بدمشق حين علموا فضله وأجلوه ." انتقل بعدها إلى بجاية حيث أخذ عن علمائها التفسير والحديث الشريف ، والفقه وكانت بجاية حينئذ إحدى حواضر العلم والثقافة العربية الإسلامية،وكيف لا يقصدها وقد أصبحت قبلة العلم والعلماء، إذا كانت هذه الحاضرة قد استعانت بعلماء المشرق في نشر العلم ، ثم سرعان ما أنجبت وخرجت علماء كثيرين سار بذكرهم الركبان ليس فقط في المغرب الأوسط أو المغرب الكبير بل وذاع صيتهم في المشرق العربي حيث تولى بعضهم التدريس والقضاء في الشام وبغداد و مصر
انكب المغيلي على الدراسة في بجاية ، تلقى خلالها علوم جمة على يد علماء أجلاء أمثال: - الشيخ أحمد بن إبراهيم البجائي (ت سنة 840هـ/1434م)، إمام جليل، اشتهر بالتفسير والفقه، تتلمذ له المفسر المشهور الثعالبي. - منصور بن علي عثمان - أبو علي الزواوي المنجلاتي، من فقهاء وعلماء بجاية ، ومن ذوي العصبية والقوة فيها ، وكان من أصحاب الرأي والتدخل في الأحداث السياسية لمكانته المرموقة.
قال عنه السخاوي في الضوء اللامع : " رأيت من قال أنه الزواوي العالم الشهير ، وأنه مات بتونس 846 هـ " كما أخذ عن غيرهم من العلماء منهم يحيى بن نذير بن عتيق، أبو زكريا، التدلسي، القاض، من كبار فقهاء المالكية، من أهل تدلِّس، تعلم بتلمسان. وولي القضاء بتوات. أخذ عنه محمد بن عبد الكريم المغيلي [ تعريف الخلف 1: 196] و أبي العباس الوغليسي، و يذكر المغيلي " أنه قرأ الصحيحين ، و السنن و موطأ الإمام مالك ، و الفقه المالكي" ، و لم يكتف عبد الكريم المغيلي بما تحصل عليه من علوم في تلمسان و بجاية بل راح يبحث الاستزادة من رحيق المعرفة، فتوجه مباشرة إلى الجزائر أين اتصل بالمفسر المشهور - عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف بن طلحة الثعالبي صاحب التفسير المشهور (الجواهر الحسان) ، و لازمه ملازمة لصيقة ، و قد أعجب الإمام الثعالبي بالطالب المغيلي وبفطنته وذكائه ، فزوجه ابنته اعترافا منه بعلمه وفقهه وأدبه.
العلماء في عصر المغيلي :
عاش الإمام المغيلي في فترة شهدت بروز العديد من المفسرين والعلماء والفقهاء والمؤرخين والأدباء والشعراء ، الكثير منهم خالطه واجتمع به وتبادل معه مجالس العلم والأدب نذكر منهم العلامة قاسم بن سعيد بن محمد العقباني المتوفي سنة 837 هـ ، والعلامة محمد بن أحمد بن مرزوق المتوفي سنة 842 هـ ، والعالم الصوفي إبراهيم التازي المتوفى سنة 866 هـ ، والعلامة الفقيه محمد بن يحي التلمساني المعروف بابن الحابك المتوفي سنة 867 هـ ، والعلامة محمد بن أبي القاسم بن محمد بن يوسف بن عمرو بن شعيب السنوسي المتوقي سنة 895 هـ ، والعلامة أحمد بن زكري التلمساني المتوقي سنة 899 هـ ، وابن مرزوق الكفيف المتوقي سنة 901 هـ ، والعلامة أحمد ين يحي الونشريسي المتوقي 914 هـ و غيرهم، مما جعله يستفيد فائدة عظيمة من علمهم و نصائحهم و إرشاداتهم التي سنرى أثرها في دعوته فيما بعد .
يشبهه الكثير من المؤرخين والمترجمين الذين كتبوا عنه وعن جهاده ودفاعه لنشر الإسلام الصحيح ومحاربة البدع والمنكرات بشيخ الإسلام ابن تيمية نفسه الذي تأثر به وبأفكاره وكتبه ورسائله التي كانت تصل إلى الشطر الغربي من العالم الإسلامي ، و ( يقال أنه كانت بينهما مراسلات وهو ما أجاب عنه الدكتور عمار هلال في مقالة له نشرها بجريدة المجاهد الجزائرية بتاريخ 20 / 06 / 1985 م حيث ذكر أنه : " في المؤلفات الجزائرية التي لها علاقة بالعلوم الإسلامية : فقه وتفسير وحديث ...الخ في القرن الخامس عشر الميلادي ، هل نجد أي إشارة إلى ابن تيمية أو إلى أعماله ؟ ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال ، ولكن ما يسمح لنا بالاعتقاد هو أن المغيلي نفى نفسه إلى الصحراء الجزائرية حيث كانت المواصلات حينئذ من الصعوبة بمكان ومع هذا فان فُتاتا من المعلومات التي وصلتنا من تلك المنطقة الواسعة للشرق الأوسط تجعلنا نفكر بأنّ ابن تيمية قد تمنى كثيرا أن يعرف ابن عبد الكريم المغيلي ، المهم هو أن كلاً منهما قد قام بعمله بدافع حماسته للإسلام حتى لو أنهما لم يلتقيا ، والمهم كذلك هو أن الرسالة التي أرادا نقلها وصلت تماما إلى الذين أرادا استقطابهم ليصبحوا مؤمنين صالحين " كما كانت له مراسلات ومناظرات مع الإمام السيوطي ، نقلها ابن مريم في كتابه " البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان " أثناء ترجمته للمغيلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق